مفردتان طغتا على البحوث والدراسات والنشاطات هما: البيئة والوراثة. وتأتي جائزة نوبل للسلام التي منحت للجنة الدولية للتغير المناخي مناصفة مع آل جور، نائب الرئيس الأمريكي السابق، وجائزة نوبل للطب التي كانت من نصيب باحثي العلاج الوراثي، لتؤكد الاهتمام المتزايد بهذين الجانبين. وإذا اضفنا طرح جهاز "آي فون" في الأسواق والتقدير الذي منح، عبر جائزة نوبل، لأبحاث المقاومة المغناطيسية المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات المضغوطة لغدت الصورة اكثر اكتمالا.
هنا استعراض لأهم ما تمخض عنه عام 2007 الذي وصف بأنه من بين الأعوام الأكثر حرارة، حسب مركز هادلي وجامعة ويست أنجليا البريطانيين
حظيت الأبحاث التي ركزت على التوصل إلى علاج للأمراض المستعصية بواسطة الطرق الوراثية باعتراف مهم ، فقد كانت جائزة نوبل للطب لهذا العام من نصيب ثلاثة علماء تتعلق بحوثهم في إحداث تغييرات وراثية في الحيوانات المختبرية باستخدام الخلايا الجذعية (الأساسية).
واعتبرت هذه التقنية التي أطلق عليها اسم "الاستهداف الجيني" سبقا علميا هدفه النهائي معالجة الكثير من الأمراض البشرية باستخدام الطرق الوراثية.
وفي المجال نفسه، أعلن علماء في اليابان وفي الولايات المتحدة، في وقت مبكر من عام 2007، عن تمكنهم من إعادة برمجة خلايا مأخوذة من الجلد البشري لانتاج خلايا جذعية لها قدرة التمايز وتكوين انسجة حية مختلفة.
وتبع ذلك في وقت لاحق نشر دراسة علمية عن إمكانية مكافحة المرض الوراثي المعروف باسم "فقر الدم المنجلي" باستخدام هذه التقنية.
ومن شأن تحويل خلايا الجلد إلى خلايا جذعية، دون اللجوء إلى الخلايا المأخوذة من الأجنة معالجة العديد من الأمراض، كما أنه يضع حلا للاعتراضات الأخلاقية على استخدام مصادر أخرى للحصول على هذه الخلايا.
يذكر أن الخلايا الجذعية هي أولى الخلايا في مراحل التطور الجنيني المبكرة وتمتاز بقدرتها على التحول إلى أشكال مختلفة من الخلايا التي تكّون الأنسجة والأعضاء الحية، مما يجعلها مناسبة لعلاج عدد واسع من الأمراض.
استنساخ القردة للمرة الأولى
سجلت البحوث العلمية سبقا آخر هذا العام باستنساخ أجنة قردة ، مما يجعل، حسب العلماء، الاستنساخ البشري، أكثر قربا.
وأوردت مجلة "نيتشر" العلمية أن فريقا من العلماء الأمريكيين تمكن، للمرة الأولى، من استنساخ نحو عشرة أجنة قردة، استخلص منها خلايا جذعية حاول تنميتها، في المختبر، لتكوين أعضاء متخصصة.
واعتبر الاستنساخ تقدما علميا لإيجاد علاج لأمراض مثل السكري ومرض باركنسون عن طرق زرع انسجة لا يرفضها جسم الإنسان.
علاج الملاريا أيضا
ولجأ العلماء كذلك إلى التقنيات الوراثية ضمن سعيهم للقضاء على مرض الملاريا. فقد تمكن فريق علمي أمريكي من إنتاج سلالة من البعوض يشبه النوع الناقل لطفيلي الملاريا، لكنه معدل وراثيا إذ يحمل جينا يمنع إصابته بالملاريا.
ويستند البحث إلى فكرة أن البعوض المقاوم للملاريا قادر على ان يعمر أكثر من ذلك الذي يمكن أن يصاب بالطفيلي وينقله.
وبذلك فإن البعوض المعدل وراثيا يتكاثر أسرع ويحل بمرور الوقت محل البعوض التقليدي الناقل للمرض.
البيئة: تغير المناخ من قضايا الأمن الكوني
اعتبرت الجهات الدولية التي تعنى بتغير المناخ والاحتباس الحراري أن القرار السياسي للحد من أسباب التغيرات البيئية لم يتناسب خلال عام 2007 مع حجم الانهيار البيئي الذي يشهده عالمنا.
أهم مقررات مؤتمر بالي
الحد بنسبة كبيرة من انبعاث الغازات المضرة بالبيئة للوصول إلى الهدف النهائي الذي وضعته الأمم المتحدة لتجنب التغيرات الخطيرة في المناخ.
ايفاء الدول المتطورة بالتزاماتها إزاء البيئة وبمساعدة الدول الفقيرة تنمويا. وضع سياسة ومبادرات للحفاظ على الغابات وحمايتها
التعاون من أجل دعم تطبيق إجراءات لحماية الدول الفقيرة من تأثيرات تغير المناخ والكوارث الطبيعية
تسهيل نقل التكنولوجيا خصوصا ما يتعلق بإنتاج "طاقة نظيفة" من الدول الصناعية إلى الدول النامية
العمل على وضع خطة عمل وأخذ آراء الأطراف المعنية
متابعة القرارات حتى انعقاد قمة المناخ المقبلة في كوبنهاجن، عام 2009
ودعت لجنة الأمم المتحدة للتغير المناخي إلى اتخاذ اجراءات عاجلة قبل "الوصول إلى نقطة اللاعودة". فرغم المؤتمرات والخطوات التي اتخذت "لكن الاستجابة للتحديات البيئية ليست متناسبة مع حجم تلك التحديات التي ستعاني منها الأجيال القادمة".
وشدد على ذلك أيضا مؤتمر بالي في إندونيسيا، الذي جاء تتويجا لنشاطات ومؤتمرات عدة حول البيئة والتغير في المناخ شهدها العام المنتهي. وتلخصت قرارات المؤتمر الذي ركز على ضرورة معالجة اسباب ارتفاع درجة حرارة الأرض بالنقاط الاتية:
تقدير آخر
اعتبر منح جائزة نوبل للسلام مناصفة بين لجنة الأمم المتحدة للتغير المناخي ونائب الرئيس الأمريكي السابق، آل جور، اعترافا بأن التغير المناخي أحد قضايا الأمن الكوني.
فقد أضافت لجنة جائزة نوبل البيئة إلى جانب قضايا الأمن الدولي التي منحتها في ضوئها جوائز السلام السابقة.
وبذلك أصبح العمل من أجل وقف الانهيار البيئي شأنه شأن مساعي وقف انتشار الأسلحة النووية وحل الصراعات الكبرى في العالم ومكافحة الفقر وغير ذلك.
وتقول لجنة جائزة نوبل إنها سعت الى أن تلفت لاانتباه إلى تزايد المخاطر من النزاعات والحروب المحلية والإقليمية التي يمكن أن يسببها التغير المناخي.
الجائزة منحت مناصفة للجنة الأمم المتحدة للتغير المناخي التي عملت من أجل ترسيخ مفهوم التغيرات في البيئة وإبراز تأثيرها على البشر والسعي للحد منها، ولآل جور الذي نشط "من أجل إحداث وعي كبير على المستوى العالمي" بمخاطر مجال التوعية بخطر التغير المناخي وسعى إلى "نقل الرسالة الى الناس مباشرة".
2007 الأعلى حرارة
وفي ما يتعلق أيضا بارتفاع حرارة الأرض، صُنف عام 2007 باعتباره أحد الأعوام الأكثر حرارة اذ احتل المرتبة السابعة (عالميا) منذ عام 1850، كما يرى فريق بحث من مركز هادلي وجامعة ويست إنجليا. لكنه يأتي في المرتبة الثانية في ما يتعلق بنصف الكرة الأرضية الشمالي.
ومع ذلك فإن هذه المرتبة أقل مما كان قد توقعه الفريق نفسه في بداية العام حين أشار إلى أن عامنا هذا قد يكون الأكثر حرارة منذ بدء تسجيل درجات حرارة الطقس على الكرة الأرضية.
فضاء: نصف قرن على سبوتنيك
قبل خمسين عاما شهد العالم إنجازا علميا مهما. ففي أكتوبر/ تشرين الأول من من عام 1957 أطلق القمر الصناعي السوفيتي وهو أول قمر يطلقة الإنسان إلى الفضاء.
حلقات زحل مصورة بالأشعة فوق البنفسجية
لكنه بسبب الظروف السائدة آنذاك، اعتبر بمثابة مرحلة جديدة في الحرب الباردة بين الشرق والغرب، وأشارة البدء في السباق المرير بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق للسيطرة على الفضاء.
وجاء إطلاق سبوتنيك متزاما مع تجارب كان يجريها علماء الغرب لدراسة طبقات الجو العليا، بواسطة قمر صناعي مجهز بمعدات علمية.
محيط زحل خارج الزمن
وفي مجال الفضاء أيضا، ناقض فريق من العلماء الاعتقاد السائد بأن الحلقات المحيطة بكوكب زحل لا يزيد عمرها على 100 مليون عام، وذلك بالتوصل إلى استنتاج مفاده أن الحلقات المحيطة بالكوكب قد تكون أقدم بكثير من ذلك.
فقد بينت المعلومات الجديدة التي أخذت من مسابر "كاسيني" الفضائي أن الحزم الرفيعة التي تدور في فلك كوكب زحل ربما تعود إلى مليارات السنوات وربما تعمر طويلا. ويعني ذلك أنها خارج الحيز الزمني.
وقد تولدت تلك الحلقات من شظايا مذنب ضخم انفجر في الفضاء المحيط بالكوكب الذي يصفه علماء الفلك بأنه كوكب أخاذ في جماله.
تكنولوجيا رقمية: ظهور آيفون ونوبل لأقراص المعلومات
ربما كان جهاز "آي فون" من العلامات الفارقة لعام 2007، إذ كشف النقاب عنه أوائل هذا العام وطرح قبل نهايته.
شبكات هاتف عالمية حصلت على عقود خاصة من الشركة المنتجة لجهاز آيفون
ويعمل الجهاز المحمول الجديد على مختلف الشبكات العالمية ويتصل بشبكات الكمبيوتر والإنترنت إضافة إلى أنه مزود بكاميرا رقمية ومتصفح إنترنت.
و يستخدم الهاتف المحمول أيضا أيضا لتحميل ملفات الصوت والصورة. ويتوقع أن يكون آي فون فاتحة لجيل آخر من الأجهزة الجديدة.
تكنولوجيا المعلومات المضغوطة
منحت جائزة الفيزياء لعام 2007 للعالمين الفرنسي ألبير فير والألماني بيتر جرونبرج لاكتشافهما "المقاومة المغناطيسية العملاقة"، وهي التكنولوجيا التي تستخدم في قراءة المعلومات المضغوطة في أقراص التخزين الصلبة في أجهزة الكومبيوتر.
وقد أتاحت هذه التكنولوجيا خلال السنوات الأخيرة إمكانية صنع أقراص صلبة صغيرة الحجم لكنها قادرة على خزن قدر كبير من المعلومات.
ويعتبر بيتر جرونبرج ثاني عالم ألماني يحصل على نوبل لهذا العام إلى جانب جيرهارد ارتل الذي منحت له جائزة نوبل للكيمياء لعام 2007 عن أبحاثه في حقل كيمياء المواد الصلبة.
الذاكرة والذكاء: بحوث وجدل
وأخيرا كان الذكاء واحدا من موضوعات دراسات ونقاشات اتخذت في إحدى المناسبات صيغة الجدل المرير حين قال العالم الشهير، جيمس واتسون، إن ذكاء الأفارقة ليس مثل ذكاء الغربيين.
جيمس واتسون كان وراء حل لغز الـ دي أن أيه
جاء ذلك في مقابلة مع صحيفة نقلت عنه قوله إنه يشعر بالحزن على مستقبل أفريقيا "لأن سياساتنا الاجتماعية تستند إلى أن ذكاءهم مساو لذكائنا في حين أن الاختبارات اثبتت غير ذلك".
قسوة الوراثة... قسوة المجتمع
وإثر هذا التصريح وجد واتسون، الذي يعود إليه الفضل سوية مع زميله فرانسيس كريك في اكتشاف تركيب الحامض النووي (دي أن أيه)، نفسه وسط عاصفة من الانتقادات والمقاطعة لنشاطاته العلمية.
وأشار في توضيحات لاحقة إلى "ضرورة الاستناد إلى المعرفة العلمية لا إلى الرغبات... فالوراثة يمكن أن تكون قاسية".
ورغم ان واتسون (79 عاما) لم يتراجع عن تصريحاته، إلا أنه اعتذر للذين "لم يفهموا كلامه" واستنتجوا منه أن الأفارقة "أدنى وراثيا"، الأمر الذي أكد أنه لم يكن يعنيه.
وكان العالم، الحاصل على جائزة نوبل، مناصفة مع كريك، قد أثار جدلا في الماضي عندما قال إنه يجب إعطاء المرأة حق إجهاض جنينها في حال استطاعت التجارب أن تثبت أن ذلك الجنين "قد يكون مثلي الجنس" عندما ينشأ.
بالمقابل يرى العالم كريج فنتر، الذي ساهم قبل نحو عشر سنوات في الجهود العلمية لوضع الجينوم (خريطة الجينات البشرية)، إنه ليس هناك "أسس علمية أو أدلة على أن يكون اللون أو العرق عامل للتمييز في ذكاء البشر.
ويرى فنتر أن لون الجلد كعامل اختلاف بين الأجناس هو "مفهوم اجتماعي وليس حقيقة علمية" ولا توجد اسس علمية او برهان وراثي يؤكد دوره في وجود فرق في درجة الذكاء.
الشمبانزي والإنسان
ذاكرة الشمبانزي أقوى من ذاكرة طلبة جامعيين
وفي مجال الذكاء أيضا أثارت تجربة يابانية اهتماما شديدا حين شاهدها الكثيرون عبر الإنترنت وعلى شاشات التلفزيون.
فبعد أن كان الإنسان يعتقد أن لا مخلوق يدانيه في القدرارت الذهنية ، أظهرت تلك التجربة، بشكل ملفت، قوة الذاكرة لدى قرود الشمبانزي التي تفوقت على طلبة جامعات في اختبار للذاكرة. وتشير الدراسة التي كانت التجربة أحد براهينها إلى أننا نملك قدرات "أقل مما كنا نظن بالنسبة لأقرب مخلوق لنا".
وحتى ما قبل نشر الدراسة كان العلماء يعتقدون أن الشمبانزي لا يمتلك قدرة البشر في مجال الذاكرة والمهارات العقلية الأخرى.